بردت احداث نهاية الشهر الماضي في الجبل، لكن المطالبات لم تنفك تتركز على مجرى المعالجات، وان كان توقيف سائر المشتبه بهم، مطلباً ملحاً لولوج إيجاد الحلول المطلوبة.
على ان الجديد في المسألة، تقدّم ملفات أخرى كجلسات المناقشة في المجلس النيابي، المسبوقة بإلحاح من رئاسة المجلس النيابي لتقديم قطع حساب، يتعين ان يأتي من الحكومة، الأمر الذي يقتضي عقد جلسة لمجلس الوزراء.. يسعى إليها الرئيس سعد الحريري بقوة، مما يتطلب إبداء المكونات المشاركة في الائتلاف الوزاري هذه الوجهة.
واتفق الرئيس الحريري، الذي يجري لقاءات لهذا الغرض بدءاً من اليوم، مع النائب جنبلاط، الذي زاره ليلا، ان يزوره عند الواحدة من بعد ظهر اليوم نواب اللقاء الديمقراطي للتباحث في موضوع الموازنة والتنسيق مع كتلة «المستقبل».
وفي مستهل الأسبوع، عقد لقاء مسائي بين الرئيس الحريري ورؤساء الحكومة السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام.
ويأتي اللقاء عشية سفر الرؤساء إلى المملكة العربية السعودية للاجتماع إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ولم يشأ أي من الرؤساء السابقين الإدلاء بأي تصريح أو بيان بعد الاجتماع، والكشف عما إذا كانت الزيارة ستتضمن لقاءات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أو ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، بحسب ما أكدت بعض المعلومات، الا ان الرئيس السنيورة أبلغ «اللواء» ان الزيارة عبارة عن يوم واحد، ولا نعرف مع من سنلتقي، لكن الزيارة تأتي بدعوة كريمة من المملكة.
وعن أسباب عدم صدور بيان عن الرؤساء الثلاثة بعد اللقاء مع الرئيس الحريري، رأى السنيورة ان لا داعي لإصدار بيان، إنما جرى البحث في الأوضاع العامة السياسية والاقتصادية.
وعن صحة ما تردّد عن ان الاجتماع تناول موضوع صلاحيات رئاسة الحكومة، قال السنيورة «لم نحك فيها، لكن هذا الموضوع يظل في بال كل واحد منا».
وتوقعت بعض المعلومات ان يعود الرؤساء الثلاثة للقاء الرئيس الحريري بعد عودتهم من المملكة لوضعه في صورة المحادثات التي سيجرونها هناك، حيث سيتم إبلاغ المسؤولين السعوديين رفضهم لأي إساءة إلى المملكة، وان كل ما يُسيء اليها يُسيء إلى لبنان.
وتهدف الزيارة، حسب المعلومات، إلى التواصل واستعراض الأوضاع في لبنان والمنطقة، وسيتخللها تشديد على أهمية العلاقات بين البلدين وعلى علاقات الأخوة اللبنانية - السعودية، كما سيؤكد رؤساء الحكومة السابقين على موقف لبنان الداعم لاسرته العربية، وعلى الحضور السعودي في لبنان.
أسبوع الموازنة
وإذا كانت الموازنة تدخل ابتداء من اليوم اسبوعها الحاسم، قبل المصادقة عليها مساء الخميس، فإن الثابت ان مسألة عدم انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، لاحالة مشروع قطع الحساب عن السنة التي سبقت موازنة العام 2018 إلى المجلس النيابي، لا تزال دونها تعقيدات، بالنظر لاستمرار تعقيدات تداعيات حادثة قبرشمون في الجبل، على الرغم من كل المعالجات والاتصالات والمفاوضات الجارية بين الأطراف المتخاصمة، وبالتالي فلا بدّ للحكومة ان تجتمع، حتى خلال انعقاد الهيئة العامة على مدى الأيام الثلاثة، لاحالة قطع الحساب، أو ان تجد الاتصالات الجارية حلا، قد يكون من خلال ان تتقدّم الحكومة بشخص الرئيس الحريري، باقتراح قانون يجيز للحكومة اعطائها مهلة إضافية لمدة ستة أشهر لتقديم قطوعات الحساب القديمة، على غرار ما حصل مع موازنة العام 2018، فيقر اقتراح القانون قبل ان يصادق على موازنة العام 2019.
وكانت دوائر المجلس النيابي، عملت خارج الدوام الرسمي يومي السبت والاحد لاعداد 128 نسخة عن مشروع الموازنة، على تقرير لجنة المال والموازنة الذي رفعه رئيسها النائب إبراهيم كنعان إلى الرئيس نبيه برّي مساء الجمعة، ويتضمن التقرير، بحسب ما أكّد كنعان لـ«اللواء» كل الإصلاحات والتخفيضات التي شكلت تعديلات اللجنة على مشروع الحكومة.
وأوضح ان التقرير أتى بصياغة مؤقتة لنص المادة 63 من مشروع الحكومة والمتعلقة برسم 2 في المائة على البضائع المستوردة، ريثما تحيل الحكومة ما وعدت به من صياغة جديدة متفق عليها، فهم انها ستكون على مواد محددة في قانون T.V.A، وسيتم طرح تفاصيلها في الهيئة العامة من قبل الحكومة.
وأكّد ان موقف اللجنة واضح لجهة التمسك بالتعديلات التي أجرتها وعدم الموافقة على قطوعات حسابات مفتوحة وغير مصدقة حسب الأصول من ديوان المحاسبة، علماً ان الحكومة لم تحل حتى الساعة هذه القطوعات إلى المجلس النيابي.
ومن جهته، أكّد الرئيس برّي لـ«اللواء» انه لا بدّ من جلسة لمجلس الوزراء ولو لساعة، ابان انعقاد الجلسة التشريعية، من أجل إقرار قطع حساب موازنة العام 2017، مشيرا إلى ان هذا الأمر ضروري، لأن مجلس النواب لن يُقرّ مشروع الموازنة من دون قطع الحساب، ففي ذلك مخالفة دستورية.
وشدّد برّي على ان الموازنة لن تصدر إذا تأخر انعقاد مجلس الوزراء لأسباب سياسية نتيجة ظروف حادثة قبرشمون، لكنه قال ان «الجلسة التشريعية منعقدة في جميع الحالات لتناقش مشروع الموازنة، لكن اقرارها مرتبط بإقرار قطع الحساب أولاً.
مهمة اللواء إبراهيم
في هذا الوقت، اعطت زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للرئيس الحريري في «بيت الوسط» مساء السبت، دفعاً جديداً للمعالجات الجارية لتسوية تداعيات حادثة قبرشمون، في انتظار استكمال المساعي التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي استضاف في منزله في كوثرية السياد ليل أمس الأول الوزير جبران باسيل قبل بدأ جولته الجنوبية.
وتدل كل المؤشرات على ان مهمة اللواء إبراهيم معلقة على تسليم كل المطلوبين من طرفي الأزمة، الحزب الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني، وهو ما لم يتم حتى الآن بسبب الشروط والشروط المضادة، وهو ما أكده الطرفان المعنيان في تصريحات علنية، كان لجنبلاط من «بيت الوسط» حيث بدا غير مستعجل، مكتفياً بالقول: «ان التحقيق يأخذ مجراه، وننتظر ان يسلم المشتبه بهم إلى فرع المعلومات، ومن ثم ننسق مع الرئيس الحريري، ولا أحد مستعجل».
وعلمت «اللواء» ان اللواء ابراهيم قدم للحزب التقدمي وللحزب الديموقراطي صيغة تتضمن مقترحات جديدة للمخرج بما يلائم الطرفين، وهو ينتظر اجوبتهما عليها خلال الساعات القليلة المقبلة، حيث يفترض ان يستكمل الطرفان مشاوراتهما مع القادة السياسيين، ومن المرتقب ان يزور جنبلاط الرئيس بري بعدما زار السبت الرئيس الحريري.
وقد اكد اللواء ابراهيم لـ«اللواء» وجود هذه المقترحات الجديدة، ولكنه رفض الكشف عنها لحين تلقيه الاجوبة عليها، وقال ممازحاً: «هذه الصيغة الجديدة مثل «صفقة القرن» نقرأها عندما تنفذ، ولكن الفارق انه اذا كانت «صفقة القرن» غير قابلة للحياة اذا رفضها الاطراف المعنيون، فإن المقترحات الجديدة قابلة للحياة».
وسألت «اللواء» الرئيس بري عن المساعي لمعالجة حادثة قبرشمون وفق المسار الذي وضعه؟ فقال: «ان الامور ماشية لكن ببطء، فكان المفروض ان يحصل تسليم لكل المطلوبين من الطرفين لكن لم يتم ذلك وهو ما يؤخر الحلول».
وعن سبب عدم تسليم المطلوبين حتى الان؟ قال: بداية حصل تسليم لبعض المطلوبين من قبل وليد جنبلاط لكن لم يحصل تسليم بالمقابل فتوقف الموضوع عند هذا الحد حتى الان، والمفروض ان يحصل تسليم كل المطلوبين بسرعة، وينتيجة التسليم تحصل تحقيقات اوليّة، ويُخلى سبيل البريء وغير المتورط، وعندها يتقرر اي محكمة او مسار قضائي يتولى الموضوع، (محكمة عادية او عسكرية او المجلس العدلي)، فلا يجوز أن تستمر الامور على هذا النحو من التأخير.
جنبلاط يرد
إلى ذلك، كان لافتاً للانتباه، ان جنبلاط اختار الرد على الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، من «بيت الوسط» وبعد لقاء مطوّل مع الرئيس الحريري، في حضور الوزيرين اكرم شهيب ووائل أبو فاعور، ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط والنائب السابق غازي العريضي، في إشارة منه إلى أكثر من رسالة سياسية يريد توجيهها إلى خصومه السياسيين، ومنها ان علاقته بـ«بيت الوسط» خط أحمر.
ومثلما افاض السيّد نصر الله في تناول إشكالية العلاقة مع جنبلاط عازياً تدهورها إلى معمل الترابة في عين دارة وان زعيم المختارة كان يريد الشراكة مع صاحب المعمل بيار فتوش، جاد ردّ جنبلاط مفصلاً فقد كان شهيب وزيراً للبيئة بين العامين 1996 و1998 للتأكيد على حرصه على البيئة وليس على الشراكة مع آل فتوش، والتي نفاها جملة وتفصيلاً، وانه «لم يطلب في حياته شراكة لا مع فتوش ولا غير فتوش».
والبارز في الرد، كان إشارة جنبلاط إلى نقطتين:
الاولى: تنبيه السيّد نصر الله من ان لا يكون هناك من حوله بعض النّاس الذين ينقلون إليه معلومات خاطئة، أو بعض النّاس الذين قد يكونون متورطين في مصالح في كسارات أو معمل فتوش.
والثانية: تتعلق بسلام الغدر، وهنا تساءل جنبلاط عن أسباب تذكيره بهذه العبارة التي قيلت في العام 2005، رغم انها اجتمعا بعد هذا الكلام ست مرات ورغم كل ما حدث في بيروت في العام 2008، واصفاً ذلك بأنه «امر مزعج». وزاد عليه جنبلاط بقوله: «انا اخاصم رجالاً، واتمنى عليك ان تخاصم رجالاً، وإذا اردت ان تكون محاطاً بهذه المجموعات، فهذا شأنك، انا اخاصم رجالا واصادق رجالا، هذا تاريخي وتاريخ كل آل جنبلاط».
وختم جنبلاط داعياً نصر الله إلى ان يثبت لبنانية مزارع شبعا، مشيرا إلى انه حينما تؤكد ان تكون هذه الأرض لبنانية شرعية، نستطيع ان نحررها بكل الوسائل، بالمقاومة وبغيرها.
باسيل يثير مشكلة المبعدين
من جهة ثانية، تأكد أمس، ان الوزير جبران باسيل، أينما حل تحل معه المشاكل، فبعد الحال الاعتراضية التي رافقت زياراته إلى الجبل والبقاع والشمال، نتيجة خطابه الاستفزازي، لم تكن جولته في الجنوب أمس أفضل حالاً، رغم ان الزيارة كانت منسقة مع «حزب الله»، ولم يكن أحد يتوقع ان تثير إشكالات مثلما حصل في غيرها من المناطق، لكن الوزير باسيل أراد ان يستفز الكثير من الجنوبيين، من خلال استحضار ملف الفارين إلى إسرائيل من عملاء جيش لحد خلال تحرير العام 2000، رغم علمه انه ملف ما يزال يثير الكثير من الحساسية والخلاف، إلا ان باسيل أصر على وصف هؤلاء العملاء «بالمبعدين»، قائلاً «انه يتمسك بعودتهم بقانون، كما نتمسك بالسيادة»، كاشفاً ان وزير العدل البرت سرحان سيتقدم بمشروع مرسوم لوضع آلية تطبيق للقانون الذي ساعد على عودة المبعدين على «مسيرة العودة».
وبطبيعة الحال، اثار هذا الموقف لباسيل حفيظة كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها الرئيس برّي، فغرد عضو الكتلة النائب قاسم هاشم، مذكراً وزير الخارجية بأننا ما زلنا في رحاب أيام العدوان والانتصار، وبأن الدولة قامت بدورها تجاه العملاء من دون الاقتصاص من أحد حتى من قبل أهل الشهداء، مؤكدا ان هؤلاء ليسوا مبعدين بل فارون إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبحماية العدو والتحاقاً بسياسته».
وكان أمين سر الكتلة النائب أنور الخليل، استبق جولة باسيل بتوجيه رسالة مفتوحة إليه دعاه فيها إلى «عدم الجنوح في خطاباته، بل ان يذهب إلى كلمة سواء وخطاب عقلاني يجمع الارادات والقلوب في ارتباطها الوثيق بنظام عيشها منذ مئات السنين».
وفي عين ابل، أقيم لباسيل احتفال ألقى فيه كلمة ذكر فيها بمعاناه الأهالي ابان حرب تموز 2006، مشيرا في المقابل إلى انه كان هناك عنفوان وتضامن وطني، لافتا إلى انه سيزور واشنطن في اليومين المقبلين، بدعوة من وزير الخارجية الأميركية لمؤتمر حول الأديان، ثم توجه قائلاً: «ممنوع على التيار ان يفكر حتى برئاسة الجمهورية، فهذا الموضوع هو خارج البحث».
وفي سياق سياسي متصل، وصف رئيس الكتائب سامي الجميل جلسات مناقشة الموازنة «بالمسرحية»، داعياً إلى جهة معارضة للحكم، واصفاً انتقادات الدكتور سمير جعجع للكتائب بأنها «ليست المرة الأولى التي بيقلل فيها تهذيب معنا»، رافضاً اعتبار العقوبات على نائبي حزب الله في المجلس النيابي اعتداء على مجلس النواب، وقال: «على حزب الله ان يتحمل تبعة أعماله وتدخلاته في سوريا وغيرها».